+974 4466 4066
·
info@slf-qa.com
·
08:00am - 6:00pm الاحد - الخميس

تطبيق احتراز بين الحماية والاختراق للبيانات الشخصية وبين الإلزام والاختيار

سعى الدول بشتى الطرق لمواجهة جائحة كورونا (كوفيد - 19) وتفاوتت الاجراءات والتدابير الاحترازية باستخدام كافة الاساليب والتوصيات والتكنولوجيا للتصدي للحد من انتشاره وازاء ذلك وباعتبار دولة قطر من الدول السباقة في الحفاظ على مواطنيها ومقيمها من خلال اتخاذ كافة الاحتياطات والاجراءت لمواجهة هذا الوباء ومنها الذكاء الاصطناعي فقد اصدر مجلس الوزراء قراراً بالزام جميع المواطنين والمقيمين بتثبيت تطبيق احتراز على الهواتف الذكية عند الخروج من المنزل لأي سبب واشار الى انه في حالة عدم الالتزام بهذه القرارات تطبق على المخالف العقوبات المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم (17) لسنة 1990 بشأن الوقاية من الأمراض المعدية

وحيث أن هذه القرار قد اثار جدلاً واسعاً في أمرين

الاول المخاوف المتعلقة بالخصوصية للبيانات الشخصية لمستخدم هذا التطبيق من حيث ان هذا التطبيق فيه انتهاك للخصوصية وعرضه للاختراق
الثاني مدى احقية مجلس الوزراء ان يصدر قرارا بعقوبه جنائية لمن يخالف هذا القرار. وفي هذه السطور سوف نقوم بعرض الرأي القانوني لهاذين الامرين وسنتبعه بالتوصيات اللازمة لحسن ادارة الازمة مراعين المصلحة العامة دون الجور على المصلحة الخاصة.

إن أستخدام الذكاء الاصطناعي اصبح لا غنى عنه في شتى مجالات الحياة واصبح الشريك المهم في تطوير المجتمعات ونموها ولذا اعتمدت عليه بعض الدول في مواجهة جائحة كورونا فظهر تطبيق سُمِيَ "احتراز" يستخدم خاصية الموقع والبلوتوث للقيام بخدمات متعددة لتعزيز إجراءات الوقاية والحد من انتشار جائحة كورونا، بالإضافة إلى عرض آخر المستجدات والإحصائيات وتلقي الإرشادات التوعوية

واول ما اثير من جدل بشأن هذا التطبيق أنه يطلب اذونات للوصول الى معارض الصور والفيديوهات الخاص بمستخدميه مع أتاحة اجراءات مكالمات هاتفية أيضاً وهو الامر الذي يتعارض مع خصوصيتهم وحماية اسرارهم بل ان البعض قد اعتبره طريقة للتجسس على الافراد في تتبعهم والوصول الى بياناتهم الشخصية

ولما كانت دولة قطر من الدول ذات السبق في حماية البيانات الشخصية فاصدرت القانون 13 لسنة 2016 الذي قرر أن لكل فرد الحق في حماية خصوصية بياناته الشخصية، ولا يجوز معالجة تلك البيانات إلا في إطار الشفافية والأمانة واحترام كرامة الإنسان والممارسات المقبولة وبعد الحصول على موافقة الفرد، وهذا القانون امتداداً لنهجها السابق في حماية البيانات الشخصية فقد نصت في المادة 7 من القانون رقم 2 لسنة 2011 أن جميع البيانات المتعلقة بأسماء وهويات المنشآت والأفراد سرية" ومن ثم فالأصل وجوب سرية البيانات الشخصية للافراد واحترام خصوصيتهم والبحث القانوني على قرار مجلس الوزراء من الزامية تثبيت تطبيق احتراز على الهواتف الذكية لكل من المقيمين والمواطنين وذلك للغرض الذي أشير اليه من تتبع حركة الأشخاص ومتابعة المخالطين ما يسمح للمسؤولين بمراقبة تفشي فيروس كوفيد_19 وتنبيه الأشخاص المعرضين لخطر العدوى

نرى ان هذا القرار قد جاء في ظروف استثنائية لمواجهة أمر عرضي يجب أن تغلب فيه المصلحة العامة على المصلحة الخاصة والخروج عن بعض القواعد استثناءا للتقليل من الاضرار التي قد تصيب المجتمع ومن ثم ولكي يتماشى هذا القرار مع صحيح القانون وينأى عن اقتحام الخصوصية للافراد نوصي بمعالجة الاذونات المطلوبة عند ثبيت التطبيق من عدم السماح للوصول الى الصور والفيديوهات الخاصة بالافراد وعدم اجراء مكالمات هاتفية كون هذه الاذونات غير ضرورية في تحقيق الغرض منه ويطبق في ادنى الحدود من المعلومات والبيانات الشخصية التي تسمح بمراقبة تفشي الوباء وتتبع حركة الاشخاص ومتابعة المخالطين وتنبيههم عندالخطر، مع الاخذ في الاعتبار ان جميع التطبيقات معرضة في ظل التطور الالكتروني للتهكير والسرقة ومن ثم وجوب اصدار قانون بتشديد العقوبة على كل من يحاول او يخترق هذا التطبيق للوصول الى البيانات الشخصية للافراد كون هذا الامر يمس الامن القومي

وعليه وفي حالة تثبيت التطبيق على النحو الحالي الصادر بقرار مجلس الوزراء بتاريخ 18 / 5 / 2020 وبالزام المواطنين والمقيمين بتثبيته دون معالجة الاذونات الغير ضرورية ودون التقليل من البيانات الشخصية ودون توثيق الحماية على البيانات الشخصية بالتخزين الامن لها في ظل التهكير والاختراق يكون هذا القرار قد جاء مخالفاً للدستور الذي نص فيه على لخصوصية الإنسان حرمتها

أما فيما يتعلق بالرأي القانوني في مدى احقية مجلس الوزراء ان يصدر قرارا بعقوبة جنائية لمن يخالف هذا القرار لمجلس الشورى سلطة التشريع وعليه لا يجوز لاي سلطة أخرى أو جهة ان تصدر قانونا دون اتباع الاجراءات المنصوص عليها بالدستور القطري وهنا يثار التساؤل كيف لمجلس الوزراء ان يصدر قانونا بعقوبة جنائية لمن يخالف قراره بتثبيت تطبيق احتراز
وبالتطرف الى نص القرار الذي اشار فيه ان: " في حالة عدم الالتزام بهذه القرارات تطبق على المخالف العقوبات المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم (17) لسنة 1990 بشأن الوقاية من الأمراض المعدية، وذلك بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على (200.000) مائتي ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين".

نجد ان القرار ليس تشريعا خاصا او قانونا خاصا أو تعديلا على القانون باضافة مادة جديدة وانما هو احالة للعقوبة المنصوص عليها سلفا كون القرار يعد من التدابير الاحترازية التي خولها القانون لرئيس مجلس الوزراء بموجب المادة 10 من مرسوم بقانون رقم (17) لسنة 1990 بشأن الوقاية من الأمراض المعدية والمعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2020 ولمجلس الوزراء، بناءً على اقتراح الوزير، وبغرض الحد من انتشار المرض المعدي، أن يتخذ الإجراءات والتدابير العامة المناسبة للمحافظة على الصحة العامة، بما في ذلك فرض القيود على حرية الأشخاص في التجمع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة". الامر الذي يكون معه القرار قد صدر صحيحاً موافقا لصحيح القانون

وختاماً لكي تواجهة الدولة ظروفاً طارئة حلت عليها يجب ان تتكاتف فيها كل القوى للوصول الى بر الامان وتقليل الاضرار بكافة السبل وليس معنى ان يتخذ قراراً قد يضر بالبعض دون الجماعة أن نتغاضى عن تنفيذه بل حثنا الشرع على ان الضرورات تبيح المحظورات وان درء المفاسد يقدم على جلب المصالح ,ان مصلحة العامة تُغلب على مصلحة الاشخاص وعليه وفي اطار اتخاذ الدولة القرار بالزام المواطنين والمقيمين بتثبيت تطبيق احتراز سعياً منها لمراقبة تفشي جائحة كورونا وتتبع الاشخاص وتصنيفهم من بين مصاب ومخالط ومعافى ووذلك للحد من انتشاره والقضاء عليه الا ان هذا التطبيق بمطالبيته باذونات غير ضرورية للبيانات الشخصية في ظل التقدم التكنولوجي للاختراق والتهكير لكافة التطبيقات يجعل هذه البيانات عرضه للقرصنة والاطلاع عليها مما يجعل هذا التطبيق اكثر ضرراً من الفائدة المرجوة منه هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لن يكون ذى جدوى أذا لم يطبق على العامة وطبقه البعض ولم يطبقه البعض الاخر

أن حماية البيانات الشخصية لا تقل أهمية عن احتواء جائحة كورونا ومن ثم يجب الأخذ بالتوصيات السالفة من التقليل من البيانات الشخصية المطلوبة مع التشديد على العقوبات الرادعة في حالة اختراق هذا التطبيق والغاء الاذونات الغير ضرورية